...........................................
للتاريخ دورة وتسلسلا، فهو يسجل للأمة مآثر عظيمة
ومفاخر كريمة، وثارها ويسلمها إلى نومها العميق ، فلا بد إذن من تعرف مكاننا من دورة
التاريخ ، ولعل اكبر أخطاء القادة أنهم يسقطون من حسابهم هذه الملاحظة الاجتماعية ولوضع
الحلول والمناهج لا بد من مراعاة مكان الأمة ومركزها وأن تنسجم أفكاره وعواطفه واقواله
وخطواته مع ما تقتضيه المرحلة التي فيها أمته اما ان يستورد حلولا فذلك تضييع للجهد
ومضاعفة للداء.لذلك فقد ضل العالم الإسلامي خارج التاريخ دهرا طويلا كأن لم يكن له
هدف واستسلم المريض للمرض بل ان الأمراض والعلل
متعددة .وفي هذه الحالة ليس هناك من علاج إلا إحدى طريقتين إما القضاء على المرض أو
إعدام المريض.وان معركة التوحيد التي خاضها الانبياء في التاريخ لم تكن في السماء بل
في الارض. لم تكن تيولوجية غيبية جدلية لفظية تستخدم ادوات (علم الكلام) بل كانت اجتماعية
سياسية تدور حول السلطة والمال والنفوذ والمرجعية. ولذلك كانت طاحنة قاسية هدد فيها
الانبياء بالرجم والهجر والاخراج، ودفع البعض منهم حياتهم ثمنا لذلك، وهمت كل امة برسولهم
ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب. كذلك يمكن لأي مجتمع
ان يتحول الى فرعوني بلبس مسوحه عندما يتشقق المجتمع الى طبقات ويتحول اهله شيعاً.
ومن معين الاحتلال وتسلطه تستغل الاوضاع وتبدل الاحوال وتزييف الحقائق وتبقى الامم
في تيه وجهالة ,ولعل المشاكل التي تحيط بالإنسان
تختلف باختلاف بيئته، فلا يمكن أن نوازن في وقتنا بين سياسة الاحتلال المستعمر ورجل
العالم الإسلامي القابل للإستعمار لأن كليهما في طور تاريخي خاص به.وعلينا ان نحلل
المواقف ونكشف الحقائق تبعا لمايجري من مواقف سواء كانت سياسية او غيرها إنّ التاريخ المدوّن هو بمثابة سجن للإنسان , فهو
يعيقه عن النظر إلى الواقع بتجرّد و موضوعيّة , لأنّه يخلط بين أفق الإنسان الفرد و
أفق محيطه , هي سطحيّة التفكير , الناشئة عن تكوّن المفاهيم في العقل بطريقة انطباعيّة تقوم
على التأثّر لا على الدراسة و التحليل و النقد . و نقطة الضعف هذه أصبحت ظاهرة عمّت
الجموع البشريّة التي لازالت تقبع تحت وطأة القهر , سجينة ظلمات التاريخ , سجن الإنسان
الأكبر , و الذي ما فتئنا نجترّ صفحاته الخاوية من أيّ معنىً من معاني الإنسانيّة الإيجابيّة
, التي تدفع الجموع لتحقيق العدل و إحقاق الحقّ و نشر الجمال سلوكاً و المنطق مرجعاً
و العلميّة منهجاً. إذ أن أغلب الأحداث المدوّنة كانت تُعدُّ في المطابخ السياسيّة
بعيدةً عن أعين الجمهور , حيث كان يجري لها من الرتوش و الإخراج ما يخفي دوافعها الحقيقيّة
, لتضليل الحشود و لإضفاء الشرعيّة على أفعال سلطات البطش و الجشع,ولعل اهل الحل
والجد يعون دائما لكشف ماهو مستور حتى تبان الحقائق وتكشف السرائر فنجد سماحة
السيد الصرخي يسعى دائما في ابراز دوره كمرجع حقيقي في اظهار الاشكال الذي يجترء
بالامم ويمحق الحق ويزيغ الباطل فتجده يكشف الى ما يدفع المؤرّخين عادةً إلى التحريف و الكذب (مؤلّفي
الوثائق – مدوّني الوقائع) هو أن يحاول المؤلِّف
أن يجتلب لنفسه منفعةً عمليّة , و يريد أن يخدع القارئ للوثيقة لدفعه إلى القيام بعمل
أو صرفه عنه . و لتحديد الأقوال المتّهمة ينبغي أن نتساءل عن المصلحة التي اعتقد المؤلِّف
نفسه أنّها له , و ذلك عن طريق البخث في ميوله الفرديّة التي اكتسبها من ميول الجماعة
التي ينتمي إليها , كالأسرة , الإقليم , الوطن , الطبقة الإجتماعيّة , الدين السائد
, الحزب السياسيّ . و لكنّ هذه الإنتماءات قد تتعارض مصالحها أحياناً.
محاضرة عقائدية تأريخية لسماحة السيد الصرخي الحسني حول شخصية المختار الثقفي
https://www.youtube.com/watch?v=q9jbKe-HCtk#t=475
https://www.youtube.com/watch?v=q9jbKe-HCtk#t=475
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق